كتب : محمد عتيق
بعد التاكيد مجدداً علي احترامنا التام لكل القيادات الحزبية في البلاد ، وتقديرنا الخاص للنخبة التي انجزت الاستقلال (اباء الاستقلال كما يحلو للكثيرين) ، ناتي للأسئلة الواضحة عن مفاهيمهم وبرامجهم التي (انجزوا) بموجبها الاستقلال او تلك التي حكموا بها البلاد في العهود الديمقراطية المختلفة ؟ نتساءل ولا نجد حديثاً عن الاستمرار في التنمية الزراعية بتطوير المشاريع التي أقامها المستعمر وتأسيس غيرها ، ولا خططاً لإنشاء صناعات ، ولا مشروعات محددة لتطوير البني التحتية في الكهرباء والطرق ووسائل النقل ، او رؤي للنهوض بمناهج التربية والتعليم وبناء راْس المال البشري ..الخ..الخ . لا ، لم نجد شيئاً من كل ذلك وكأن الديمقراطية الليبرالية تعني فقط اجراء الانتخابات العامة ، المناورات والتراشق شعراً ونثراً ، تدبير (المقالب) والمفاجآت لبعضهم البعض ، عقد الائتلافات وفضها ، اي ، وباختصار : التنافس السلبي بين الكيانات لأسباب ذاتية لا علاقة لها بوطن مترامي الأطراف ولا لشعب مواريثه متعددة الكيانات والجذور ، يتطلع لاستكمال اندماجه الوطني التماساً لأسباب النهضة والتقدم والوحدة الوطنية ، بل وكان الوطن مختصراً عندهم في العاصمة المثلثة وفي بعض المدن اذا (انفلت) منهم إنجاز ما .. وقد رأينا كيف انهم بذروا البذور الأولي لانفصال الجنوب عشية الاستقلال عندما تجاهلوا وعدهم للجنوبيين بحكم فدرالي مقابل موافقتهم علي اعلان الاستقلال ..
اما والبلاد مقبلة علي الاستقلال ، وكان - مستعمرنا البريطاني - قد أسس بعض البنيات والمشروعات الجيدة (حتي ولو لمصلحة صناعاته في لانكشاير وليفربول وغيرها) ، وبني جهازاً محترماً للخدمة الحكومية مدنياً وعسكرياً ، فان جيل الاستقلال والجيل الذي تلاه قد واجهوا الحياة بآمال عريضة في المستقبل ونفوس سعيدة مطمئنة بالحال ، فالاقتصاد يبدو جيداً ومستقراً ، والتعليم وكافة الخدمات معقولة ، فازدهرت الحركة الثقافية بكل ضروبها والتحمت أجيالها من لدن العباسي والبنا وخليل فرح الي التجاني بشير وإدريس جماع والطيب صالح والصلحي ومن الحاج سرور الي محمد وردي .... الخ والي جيل الشباب الذين ادهشوا العربية وهم في مقاعد الدراسة بقيادة اميريهم محمدعبدالحي ومحمدالمكي ابراهيم ، وغيرهم ممن شكلوا وجدان السودانيين وأثروا حياتهم ادباً وفنا ... غير ان كل ذلك كان بقوة الدفع التي خلقتها احداث وطنية هامة مثل ثورة ١٩٢٤ ، مؤتمر الخريجين ، الاستقلال ، مشروعات الحكم البريطاني الخدمية والزراعية ، اي انها كانت في السطح ، فالأعماق التي تعزز وتطور تلك الحالة من (الاستقرار والازدهار) كانت مسؤولية القيادة السياسية (الحزبين الكبيرين) التي رأينا كيف انها كانت في واد اخر من التنافس الذاتي حول المناصب والوجاهات ، وبدلاً عنها كانت الأعماق تمور بالرفض وعدم الرضا فظهرت حركات التمرد المسلح في الجنوب ، وبدات المجموعات السكانية غير العربية/الافريقية/السودانية تتململ عندما لم تجد نفسها في الذي يجري وأخذت تتحسس وسائلها التنظيمية الخاصة ... وفي ذلك الجو استطاعت حركة الاسلام السياسي العقائدية ان تخترق الهيمنة الطائفية الدينية التقليدية بشعارات الدستور الاسلامي والجمهورية الرئاسية الاسلامية ، وتسللت الي مقررات المدارس الثانوية كتب الإخوة محمد وسيد قطب !!!! فورثناكم ، يا اجيال السودان الشابة الجديدة ، بناءات هشة ترون حرائقها أمامكم الان ..
نواصل في الوجه الاخر
أخر الآراء
والثورة حب ايضا 2019-02-18 17:18:27 بقلم : محمد عتيق من الخارج يسمع انين إنسان مع صرخات مكتومة.. وفي الداخل يأتيه الحارس ليعطيه صحن فول بائس أو بغرض اقتياده لجولة تعذيب ليلية، يأتيه واضعاً في وجهه قناعاً يختبئ من ورائه.. وعندما يتم إطلاق سراحه ويسأله (...)جيوش صلاح قوش و الحراك الجماهيري في السودان (4 - 10) 2019-02-18 17:18:03 بقلم : عبدالعزيز النور oudingdung0214@gmail.com تصريحات فريق المحققين الدوليين - الخاص بحادثة إغتصاب مخيم زمزم بالنازخين بالفاشر - حول لقاءات مرتقبة مع أسر ضحايا عنف النظام في المظاهرات السلمية بجانب مطالبة سفارة (...)
النُصح بمُنعرج اللّوى لعلهم يستبينوه ضحى الغد 2019-02-17 18:32:56 بقلم: أ.د. الطيب زين العابدين altayib39alabdin@gmail.com أكملت الاحتجاجات الشبابية الهادرة شهرين كاملين عمّت فيهما القرى والمدن وجابت الشوارع والأحياء والميادين، وصمدت بجرأة فائقة أمام القنابل المسيلة للدموع والضرب (...)
المزيد