Thursday , 25 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

“أطويل طريقنا أم يطول” – سودان تربيون

بقلم : محمد عتيق

أحوال ثورتنا وقيادة دولتها أصبحت مريبة .. التفسير المكرور بأن موروث الثلاثين عاماً من الدمار والنهب وتمكين أهل التنظيم والثقة في مفاصل الدولة ، تستحيل مواجهته بالإصلاح والتعديل في شهور قليلة ، هذا التفسير ، وإن كان منطقياً وصحيحاً ، إلا أنه لم يعد منسجماً مع الأحداث والتطورات في الواقع والمسيرة إذ الموروث لم يعد فقط في التركة التي ورثناها من النظام الساقط وإنما أيضاً في موروثنا نحن أهل الثورة وخندقها ؛موروث التشرذم والصراعات الذاتية ، التنافس السلبي ، موروث الحركة الوطنية المستغرقة في العمل السياسي الحركي اليومي بعيداً عن الإنتاج الفكري وقيم الإيثار وتقديم القيادات الملهمة والرؤى الاستراتيجية ، الموروث الذي لا يرى فيه كل حزب إلا نفسه .. ولجنا مرحلة تحقيق أهداف الثورة بعيوبنا ونواقصنا ، وصراعاتنا الذاتية الناتجة عنها أظهرت ضعفنا في التقدم بالثورة نحو معاقل النظام الساقط الاقتصادية والأمنية والعسكرية والإعلامية والأمنية… الى آخره بالتفكيك والتصفية على طريق إعادة البناء ، وبروز ضعفنا هذا أغرى وشجع قوى الثورة المضادة من أهل النظام الساقط أن تترك التواري والتردد وتخرج من مخابئها وتتقدم لمواجهة الثورة لأن موروث التنافس السلبي والصراع الذاتي بين قوى الثورة – كما أسلفت – ظهرت ساطعةً في مرحلة الدولة وتحقيق أهداف ما بعد إسقاط النظام “مرحلة المغانم في نظر الكثيرين منا” في شكل صراع على المناصب والنفوذ .. قوى الثورة التي عليها مواجهة مرحلة الدولة وإعادة تأسيسها من كل الجوانب ، أمست تهدر أغلب طاقاتها في صراعات تضعف بها خندقها في مواجهة خندق النظام الساقط الذي أصبحت حركته علنية وجريئة ومنظمة ، دولة كاملة الأركان والمنظومات وقد بدأت نشاطها المعادي للثورة وحكومتها بالقوة المسلحة وبكتايب الظل .. إذن أمامنا خندقين : خندق حكومة الثورة بقواه المتشاكسة المتباعدة ، وخندق قوى النظام الساقط الذي يزداد كل يوم قوةً ونشاطاً ليعود بالبلاد إلى العهد البائس ..

التكرار بلمسة غضب يجعلنا نعود إلى جزء من كلمة في ٩ فبراير ٢٠١٩ ، والثورة متقدة ، ومن باب التذكير والمساهمة في إذكاء الحماس وروح الإقدام والتجرد بين قوى الثورة وأكبر كتلها “نداء السودان وقوى الاجماع الوطني” ، ورد فيه وصف للأعوام الثلاثين البائسة من حكم الإسلامويين ، يقول :

فيا أهل المعارضة في الخندقين، قواعد وقيادات، نساءاً ورجالاً:

“- ثلاثون عاماً ووطنكم يخضع للنهب والتدمير، للرهن والتمزيق ..

 ثلاثون عاماً والأجيال من ابنائكم يخضعون لاسوأ صيغ التجهيل والتعليم الفاسد والانحطاط بالاهتمامات ..

 ثلاثون عاماً والفضاء من حولكم يمور بالدجل والاستهتار، والمنابر يسودها المشعوذون والعاطلون عن المواهب ..

 ثلاثون عاماً والبيئة في بلادكم في تدهور مريع ، تدهور ملأ الطرقات والساحات (في طول البلاد وعرضها) بالنفايات والسموم والأمراض القاتلة الغريبة ..

 ثلاثون عاماً وشعبكم يموت كل يوم جوعاً وغبناً ، مرضاً وغيظا ..

 ثلاثون عاماً ، وسودانكم لا زرع ولا ضرع ، واسمه يتراجع مهرولاً في بورصات النمو والرقي والتقدم ، بل وفي السمعة والاحترام ..

 ثلاثون عاماً ونساء وطنكم – أخواتكم وبناتكم – يتربص بهن الهوس ليل نهار جلداً وإذلالاً وكسر خواطر ..

 ثلاثون عاماً – باختصار – والبؤس يتربع في وطنكم ونفوس مواطنيكم ..

واعلموا ان ابناء شعبنا بكل فئاته – باستثناء عضويتكم – قد يئسوا (او كادوا) من جدواكم.

فلنترك ، يا أهل المعارضة ، كل الذي نحن فيه ، وكل الذي مضي ، نسحب أسلحتنا المصوبة في وجوه بعضنا البعض – كلماتاً وأفعالاً – ونوجهها في وجهتها الصحيحة، نحو النظام الفاسد المستبد .. فكل يوم يمضي علي وطننا في هذا الحال هو مسؤولية في رقابنا جميعاً بموازين الدنيا والآخرة ..

 لا ملتحد بعد الآن من مواجهة المهام الجسام وانتضاء المبادئ الصادقة النبيل”

لا اعتقد أن خندق الثورة يستوي مع خندق الردة في أن يعود مثل هذا الظلام .. ثقتنا أكيدة ومطلقة في انتصار الثورة وأهدافها وأن أمامها خيار من طريقين محددين :
 أن تستيقظ قوى الحرية والتغيير (قحت) وتعود إلى وحدة وانسجام يجعلها تمسك بزمام الثورة وتصعد بها ..

 أن تستأنف الثورة فعلها الأول وتبرز لها قيادات شابة جديدة بها ألق وقدوة وإلهام ..

( أطويل طريقنا أم يطول )

Leave a Reply

Your email address will not be published.