Friday , 29 March - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

سلفا كير يعول على الخرطوم في مواجهة الضغط الدولي على حكومته

الخرطوم 23 أغسطس 2016 – وضعت زيارة النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان تعبان دينق إلى الخرطوم، الحكومة السودانية أمام منعطف جديد في علاقات البلدين المتأرجحة على الدوام، وبدا واضحا ان جوبا باتت تعول أكثر من أي وقت سابق على مساندة البلد الجار، سيما وأنها تواجه ضغطا دوليا تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية تحت غطاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لحملها على الرضوخ لقرارات دولية بينما تتغلب على روح الحكومة في جوبا نزعة تمرد جامحة لمقاومة تلك القرارات.

_-287.jpgومن أبرز ملامح زيارة تعبان ومرافقيه من الوزراء العسكريين والاقتصاديين، بحث الملفات الأمنية وذات الصلة بالنفط والمساعدات عبر الحدود، لكن في جانب آخر من تلك الرحلة كان رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت يرمي سهمه نحو ثمار مستقبلية تضمن له مؤازرة الحكومة السودانية في وجه الضغط الدولي العنيف الذي يواجهه بعد تمرد نائبه رياك مشار واحترابهما الدامي ما فاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية في الدولة الأحدث.

وبالفعل خط سلفا كير رسالة ليست بالقصيرة إلى نظيره عمر البشير، سلمها تعبان دينق، يوم الإثنين، أكد فيها التزامه الشخصي بالعمل على تحقيق حل داخلي يوقف الحرب التي أوصلت بلاده إلى حافة الانهيار الاقتصادي.

كما تضمنت التزامه الكامل بتنفيذ كل الاتفاقات الموقع عليها مع الحكومة السودانية في اتفاق التعاون المبرم في العام 2012 قبل أن يحث الخرطوم على التعامل بالمثل مع حكومته.

وطبقا لنص الرسالة التي اطلعت عليها (سودان تربيون) فإن سلفا كير شدد على أن الحلول الخارجية لن تعالج الأسباب الجذرية للصراع بل أنها تميل إلى تقويض المساعي المحلية وتفاقم من حدة الخلافات.

يشار الى أن حكومة سلفا كير ترفض التجاوب مع قرار أصدرته الأمم المتحدة بالرقم 2304 ويدعو لنشر 4 ألاف من القوات الأممية الإضافية في جنوب السودان وترى جوبا في الخطوة انتهاكا للسيادة.

وتتزعم الولايات المتحدة الاتجاه الرامي لفرض تلك القوات بحجة إمكانية إسهامها في حماية المدنيين، حيث يقول وزير الخارجية جون كيري الذي اجتمع بخمسة من وزراء خارجية “إيقاد” في نيروبي الاثنين، “لا جدال بتاتا في أننا نحتاج للدفع من اجل نشر قوة الحماية الإقليمية التي أجازها مجلس الأمن الدولي”.

وأفاد ان القوة الجديدة سيكون هدفها تحسين الوضع الأمني في جوبا والسماح بتطبيق اتفاق السلام المبرم قبل عام.

ومن بين مهام القوة أيضا حماية نائب الرئيس رياك مشار، الذي ظل يرهن عودته الى جوبا بنشر تلك القوات.

وأضاف كيري “هذه ليست قوة تدخل، بل انها قوة حماية بهدف واضح جدا هو حماية السكان وضمان إمكانية الدخول الى المنطقة وحرية الحركة، لتصبح المنطقة خالية من الكمائن أو الهجمات من أي نوع”.

ويقول سلفا كير في رسالته للرئيس السوداني “دعني أكون صريحا معكم أخي عمر البشير وأعضاء حكومتك، وأؤكد بأننا لا نرفض الجهود الإقليمية فنحن بحاجة للدعم الإقليمي خاصة من دول مثل السودان”.

وتابع “لكن هذا الدعم يجب أن يكون مكملا للحل الذي نتوصل إليه بأنفسنا بحيث لا يتم رفضه من الشعب.. وينبغي أن تعلم دول المنطقة أن الحلول المستوردة ليست هي الحل.. لدينا العديد من الأمثلة حيث فشل التدخل خارجي في المجئ بحل مستدام.. الحل الداخلي النابع فقط من تفهم احتياجات الناس وتطلعاتهم هو الذي يمكن أن يكون دائما”.

والمعروف أن الحكومة السودانية رفضت طلبا غربيا للتوسط، منفردة في حل الأزمة الناشبة بجنوب السودان بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، كما عارضت إرسال قوات إلى دولة الجنوب ضمن المنظومة الدولية أو حتى الإقليمية التي أقرتها (إيقاد) ووافقت فقط على أن تكون جهودها في إطار المساعي الجماعية المبذولة من دول المنطقة.

وتبرر الخرطوم قراراتها تلك بحساسية موقفها حيال الصراع بين الرجلين الأولين في دولة جنوب السودان، ومنعا لاتهامها بالانحياز الى احد الأطراف، حيث أنها ظلت على الدوام محل تشكك من حكومة سلفا كير بإيوائها معارضين له وتقديم العون والسند لهم.

وتنبأ الرئيس كير في رسالته بأن يكون مستقبل جنوب السودان أفضلا، وقال إن البلاد تتقدم بخطى حثيثة بعد تعيين تعبان دينق نائبا أولا له في حكومة الوحدة الوطنية بدلا من رياك مشار.

وأضاف “إننا نسير نحو مستقبل أكثر إشراقا ويجب على المجتمع الدولي أن يدعمنا وليس إضعافنا”.

وتمضي الرسالة قائلة “إن جنوب السودان لا تحتاج دروسا في حقوق الإنسان من جانب المجتمع الدولي..احترام حقوق الإنسان مكرس في ثقافتنا وتراثنا وهو جزء من منظومة قيمنا… نحن أكثر احتراما لحقوق الإنسان من حيث الالتزام والعمل به”.

وبدا جليا أن جوبا بتوليفتها الحكومية الجديدة تحاول كسب ثقة الخرطوم، وإرسال إشارات تطمينية عالية الوضوح تتحاول من خلالها تأكيد رغبتها في فتح صفحة جديدة، ولأن تعبان دينق يعلم انشغالات وتحفظات الخرطوم حيال الملف الأمني واعتقادها الدائم بأن جوبا تدعم معارضيها المسلحين في دارفور والحركة الشعبية ـ شمال، فإنه عمد لتأكيد حرص بلاده الشديد على حسم الملفات الأمنية خلال ثلاث أسابيع كما بعث برسائل من الخرطوم للحركة الشعبية ـ شمال، يدعوها للركون الى خيار التسوية السلمية.

ويقول دينق في تصريحات له “إن بلاده لن تسمح لحركات التمرد بالانطلاق من أراضيها لتهديد أمن السودان”.

ويتابع قائلا “أي سوداني شمالي يريد الاستمرار في الحرب لن يكون جنوب السودان منصة انطلاق له”. وزاد “نأمل أن لا يكون السودان نقطة انطلاق لمشار”.

وبحسب تصريحات صحفية لدينق نشرت في الخرطوم، الثلاثاء، فإن حركات دارفور وقوات الحركة الشعبية ليسو متواجدين في أرض الجنوب الآن.

ويضيف “ستظل هذه الاتهامات المتبادلة إلى أن توجد الآلية للتحقق من ذلك.. ونحن سنذهب إلى أديس أبابا وإلى كل الأماكن الموجودة فيها هذه الحركات ونقول لهم جاء الزمن المناسب للتوصل لسلام، وسنقدم كل الإسناد المطلوب ونقدم لهم النصيحة بالتي هي أحسن”.

وأسدى تعبان بالنصح إلى الحركة الشعبية التي تحارب الحكومة السودانية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، قائلا “ننصحهم بأن زمن الحرب انتهى، ونقول لهم لا يمكن إخوانكم في الجنوب يعانون بسببكم أنتم، فحتى لو الجنوب لا يدعمكم فالسودان يستغل ذلك”.

يشار إلى أن النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان تعبان دينق اختتم الثلاثاء زيارته للبلاد التي استغرقت ثلاثة أيام سلم خلالها رسالة للرئيس عمر البشير من رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، كما أجرى مباحثات مع المسؤولين بالدولة.

Leave a Reply

Your email address will not be published.